تاريخ الإسكندرية في عصر دولة المماليك
أولا: تاريخ الإسكندرية في عصر دولة المماليك البحرية:
يعتبر عصر دولة المماليك البحرية العصر الذهبي لمدينة الإسكندرية فقد بلغت فيه ذروة تقدمها العمراني نتيجة للنهضة الاقتصادية التي لم تشهدها المدينة في عصر من عصورها الإسلامية السابقة ونتيجة للاهتمام الكبير الذي أولاها إياه الملوك والسلاطين بعد أن أصبحت محط أنظار العالم .
ويرجع الفضل في ازدهار الإسكندرية وتألقها في عصر دولة المماليك البحرية إلى ثلاثة سلاطين هم الظاهر بيبرس والناصر محمد بن قلاوون والأشرف شعبان
كان الظاهر بيبرس أول من اهتم بالإسكندرية من سلاطين المماليك البحرية فقد زارها أربع مرات الأولى أمر بكسوة الجامع الغربي وصنع قناديله وعمارته من ماله الخاص وعمل على تحصين الثغر وترجم أسواره.
والثانية أمر بتطهير خليج الإسكندرية من الرواسب الرملية التي أخذت تغمر فوهته وتعوق مجراه.
والثالثة أمر بنصب مائة منجنيق على أسوار الإسكندرية والزيارة الرابعة 672 هجرية قام بترميم منارة الإسكندرية.
وواصل السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون سياسة الظاهر بيبرس في العناية بثغر الإسكندرية واهتم بترميم منار الإسكندرية اثر زلزال عنيف 702 هجرية واهتم بحفر خليج الإسكندرية 710 هجرية ونلاحظ أن هذا الخليج السكندري ظل يعمل في 770 هجرية ثم انقطعت مياهه وانطمر بالرمال فتلفت أكثر بساتين الإسكندرية وخربت وتلاشت كثير من القرى التي كانت قائمة على حافتي خليج الإسكندرية .
ثانيا: تاريخ الإسكندرية في عصر دولة المماليك الشراكسة :
نالت الإسكندرية نصيبا وافرا من رعاية سلاطين المماليك الشراكسة وأولهم السلطان ناصر الذي زارها في 814 هجرية .أما السلطان قايتباي فقد اختار هذا السلطان موضع منار الإسكندرية القديم ليبنى علية برجا عظيما عرف الآن بقلعة قايتباي وقد أنشئت في هذا العصر الأبنية الدينية من أهمها مسجد أبى العباس المرسي ومسجد الشيخ ياقوت بن عبد الله الحبشي المعروف بياقوت العرش تلميذ أبي العباس ومسجد الشيخ البوصيري صاحب البردة كذلك أقيمت عدة دور للحديث أهمها دار الحديث التكريتية ودار الحديث النبيهية .
وفى أواخر القرن التاسع الهجري كشف البرتغاليين طريق رأس الرجاء الصالح 892 هجرية 1478 ميلادية وقد عرف العلم الأوروبي سوقا تجارية جديدة تنافس السوق المصرية ففي رخص الأسعار ولم تلبث الدول الأوربية التي كانت تتعامل مع مصر إلى أن تحولت إلي السوق الاخري وأصابت الاقتصاد المصري بكثير من الضرر نتيجة لتحكم السوق البرتغالي في الطريق التجاري القديم الذي يربط مصر بالهند وذلك بمرابطته أمام مدخل البحر الأحمر ليحول دون خروج السفن المصرية نحو المحيط الهندي وهكذا ضمن البرتغاليون لأنفسهم السيادة في أسواق التوابل. وقد ظهر أثر هذا التدهور الاقتصادي في العمران السكندري إذ تحولت بساتين الإسكندرية إلي أرض قفراء بسبب انقطاع مياه النيل عن المدينة وبسبب تحول كثير من التجار الأجانب إلي السوق الأوروبية .
وفى الفتح العثماني نهاية لهذه المأساة حيث فقدت الإسكندرية مكانتها القديمة وأنكمش عمرانها واقتصر على الرصيف الممتد من الشاطئ وجزيرة فاروس القديمة .