انتشرت مؤخرًا عبارة تتردد بين الناس -وأنا أعلم بخطئها أو على الأقل ليس على إطلاقها-، وهي: "الدين علاقة خاصة بين العبد وربه"، فأرجو الإيضاح مع بيان الأدلة من القرآن والسنة، مع إعطاء أمثلة إن أمكن؛ حتى أستطيع نشر الأمر وبيانه لمن حولي. وجزاكم الله خيرًا.
جواب السؤال
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالدين: الخضوع الشامل لله -عز وجل- في كل شئون الحياة من الفرد والأمة، في العقيدة والعبادة، والعمل والسلوك والمعاملات، ونظم حياة المجتمع من سياسة، واقتصاد، وحرب وسلم، وتعليم وإعلام، وأمر ونهي، ونظام اجتماعي، وغير ذلك..
فحصره في العلاقة الخاصة دون أنظمة الحياة مخالفة صريحة لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) (البقرة:208)، أي: في الإسلام كله. وقوله -تعالى-: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء:65).
فكل مواطن النزاع بين البشر -وليس فقط العلاقة الخاصة- يجب ردها إلى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ثم القرآن مليء بالنصوص التي تحدد معالم المجتمع والدولة؛ فكيف يزعم الإيمان بالقرآن مَن لا يريد تحكيمها؟! فالذي قال: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ) (البقرة:183)، هو الذي قال: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى.. ) (البقرة:178)، وهو الذي قال: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (النور:2).
فلا بد من الفهم الشامل للإسلام، والتطبيق الشامل له حتى نحقق العبودية لله الذي قال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56).