السؤال: من خلال دراستي في كلية القانون في بلدي طرحتُ سؤالاً على أساتذتي في الفقه ولم يجيبوني، علمًا أن أساتذة الفقه عندنا هم من الشيعة الروافض، وسألت أيضًا بعض مشايخنا فلم يجبني أحد إلى الآن، وسؤالي هو: لو فرضنا أن هنالك امرأة مسلمة تعرضت لحادث خطف واغتصاب، وأرادت قتل نفسها كي لا يُمس شرفها فهل تعتبر مسلمة أم دخلت في ملة الكفر؟ وذلك لحرمة قتل النفس، وهل تصبح مخلدة في جهنم أم تقوم بقتل نفسها حفاظًا على الشرف، والشرف شيء غالي جدًا؟ أرجو إفادتي، وجزاكم الله كل خير.
جواب السؤال
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فهي إن فعلتْ ذلك لم تكفر؛ لحديث جَابِرٍ -رضي الله عنه-: أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو الدَّوْسِيَّ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي حِصْنٍ حَصِينٍ وَمَنْعَةٍ؟ قَالَ: حِصْنٌ كَانَ لِدَوْسٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَبَى ذَلِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلَّذِي ذَخَرَ اللَّهُ لِلأَنْصَارِ، فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ هَاجَرَ إِلَيْهِ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَهَاجَرَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَمَرِضَ فَجَزِعَ فَأَخَذَ مَشَاقِصَ لَهُ فَقَطَعَ بِهَا بَرَاجِمَهُ، فَشَخَبَتْ يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ، فَرَآهُ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فِي مَنَامِهِ، فَرَآهُ وَهَيْئَتُهُ حَسَنَةٌ، وَرَآهُ مُغَطِّيًا يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي بِهِجْرَتِي إِلَى نَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكَ مُغَطِّيًا يَدَيْكَ؟! قَالَ: قِيلَ لِي: لَنْ نُصْلِحَ مِنْكَ مَا أَفْسَدْتَ. فَقَصَّهَا الطُّفَيْلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اللَّهُمَّ وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ) (رواه مسلم)، وبوب عليه الإمام النووي -رحمه الله-: "بَاب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ قَاتِلَ نَفْسَهُ لا يَكْفُرُ".
ولكن لا يجوز لها قتل نفسها؛ لأنها مكرَهة معذورة، بل مثابة على البلاء الذي نزل بها، وهي حين تُغتصب لا تزال شريفة، وشرفها لم يُمس، وإنما ضياع الشرف هو الزنا بالاختيار.