جواب السؤال
السؤال:
أولاً: وقع خلاف شديد بيني وبين زوجتي، فكتبت لها العبارة التالية: "أنت محرمة عليَّ كحرمة أمي"، قاصدًا بذلك طلاقها مني. وبعد ذلك قمت بردها، فقالت لي: إني رددتها، ولكن يجب علي الكفارة عن الظهار. فما حكم ذلك؟
ثانيًا: هل كفارة الظهار بالتخيير أم بالإلزام. أنا أسأل لأني لا أستطيع صيام شهرين متتابعين لغلبة الشهوة أولاً، وثانيًا: لطبيعة العمل؟
أرجو الفتوى وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
أولاً: فالظهار لا يكون طلاقـًا -ولو نواه-.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: "وإن قال: "أنتِ علي كظهر أمي حرام"؛ فهو صريح في الظهار لا ينصرف إلى غيره سواء نوى الطلاق أو لم ينوه، وليس فيه اختلاف -بحمد الله-؛ لأنه صرح بالظهار وبيَّنه بقوله: حرام. وإن قال: "أنت علي حرام كظهر أمي أو كأمي"؛ فكذلك، وبه قال أبو حنيفة، وهو أحد قولي الشافعي. والقول الثاني: إذا نوى الطلاق فهو طلاق، وهو قول أبي يوسف ومحمد إلا أن أبا يوسف قال: لا أقبل قوله في نفي الظهار، ووجه قولهم: أن قوله: "أنتِ علي حرام": إذا نوى به الطلاق؛ فهو طلاق، وزيادة قوله: "كظهر أمي" بعد ذلك لا ينفي الطلاق كما لو قال: "أنتِ طالق كظهر أمي".
ولنا أنه أتى بصريح الظهار؛ فلم يكن طلاقا كالتي قبلها، وقولهم: إن التحريم مع نية الطلاق طلاق لا نسلمه، وإن سلمناه، لكنه فسر لفظه ههنا بصريح الظهار بقوله، فكان العمل بصريح القول أولى من العمل بالنية".
وقال النووي -رحمه الله- في المجموع: "إذا طلق يريد ظهارًا كان طلاقـًا، وإن ظاهر يريد طلاقًا كان ظهارًا؛ لأن كل لفظ منهما صريح في موجبه".
وقال ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد: "وَهَذَا لأَنّ الظّهَارَ كَانَ طَلاقًـًا فِي الْجَاهِلِيّةِ فَنُسِخَ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُعَادَ إلَى الْحُكْمِ الْمَنْسُوخِ. وَأَيْضًا فَأَوْسُ بْنُ الصّامِتِ إنّمَا نَوَى بِهِ الطّلاقَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَأَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الظّهَارِ دُونَ الطّلاقِ. وَأَيْضًا فَإِنّهُ صَرِيحٌ فِي حُكْمِهِ فَلَمْ يَجُزْ جَعْلُهُ كِنَايَةً فِي الْحُكْمِ الّذِي أَبْطَلَهُ -عَزّ وَجَلّ- بِشَرْعِهِ، وَقَضَاءُ اللّهِ أَحَقّ، وَحُكْمُ اللّهِ أَوْجَبُ".
ثانيًا: يلزم كفارة الظهار، وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد يصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع يطعم ستين مسكينًا، قبل أن يجامع، فإن جامع أَثِم، ولزمه أن يمتنع من جماعها حتى يتم الكفارة، قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ . فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (المجادلة:
3-4).