مازال الشارع السكندري يحصد ما اسفر عن الغياب الأمني وعدم الاستقرار حيث اتجه البعض من أبناء المناطق الشعبية إلي الأسلحة البيضاء للدفاع أو التصدي لأي بلطجي أو "منحرف" كان لأبناء المناطق الراقية طريقة اخري للدفاع عن انفسهم وهي "الصواعق الكهربائية" التي انتشرت بشكل كبير في مختلف المناطق بالإسكندرية بكافة اشكالها بالاضافة إلي "اسبراي السيلف ديفينس" الذي يستخدم عن طريق الرش في الوجه مما يسفر عن شلل مؤقت. وكان لانتشار هذه الأسلحة عدة عوامل منها عدم السيطرة الأمنية وعدم شعور الأفراد بالأمان في الشارع السكندري فبالاضافة إلي رخص ثمنها وانتشار مناطق بيعها حتي ان اصبحت تباع علي الأرصفة وفي ايدي الباعة الجائلين.
وبعد انتشار هذه الأسلحة الدفاعية بشكل ملحوظ قامت "المساء" برصد هذه الظاهرة التي قوبلت بالرفض من البعض والترحيب من آخرين.
يقول عارف خاطر: إن انتشار هذه الأسلحة سلاح ذو حدين حيث يقوم صاحبها بالدفاع عن نفسه ولكن هناك الكثير لا يجيد استخدامها بالطريقة السليمة لافتا إلي أنه قد شاهد اطفالا صغاراً لا تتعدي أعمارهم خمس عشرة سنوات يحملون الصواعق الكهربائية ويستعرضون بها وكثير ما تصل إلي مرحلة الدعابة واللعب مع بعضهم بها مما تهدد حياتهم. مشيرا إلي أن هذه الاسلحة تستخدم علي مرأي ومسمع الجميع دون تدخل أي أحد بالنصيحة أو المنع تحسبا لرد فعل غير لائق من قبل هؤلاء الصبية لافتا إلي ان هذه الاسلحة اصبحت تظهر في المشاجرات بين الشباب وبعضهم.
اضاف أن الاغرب في الموضوع اتجاه بعض اصحاب السوابق والمسجلين إلي استخدامها حيث تركوا الأسلحة التقليدية البيضاء كالسيف والمطواة التي كانت تستخدم في جرائمهم مثل "السرقة. التهديد" واستبدلوها بالاسلحة المعاصرة. كما لو كانوا يواكبون عصر التكنولوجيا في عملياتهم الاجرامية بالاضافة إلي سهولة حملها وصغر حجمها وخفة وزنها فضلا عن الصوت الذي تصدره هذه الصواعق عند استخدامها والذي يشبه صوت الرشاش الآلي وشكل الشرارات التي تصدرها.
أشار أشرف البنداري "صاحب محل أسلحة وأدوات غوص" الي ان الصواعق الكهربائية انتشرت بشكل فج لدرجة انها تباع في محلات غير متخصصة لافتا إلي أن هذه الأنواع كانت تباع بمحلات الأسلحة التي كانت تضع معايير معينة لبيعها لأي شخص كالسن القانونية المحددة وذلك حفاظا علي حاملها. ولكنها حاليا اصبحت في متناول الجميع والاغرب في الموضوع بأنها تباع في محلات الخردواتي ومحلات الأدوات الكهربائية. لافتا إلي انه بعد الطلب الكبير الذي زاد علي هذه الأنواع من الأسلحة قام بعض المستوردين باستيراد هذه الانواع من بلاد عديدة ومنها تركيا والصين التي تربعت علي تصدير هذه الأنواع والسبب يرجع إلي رخص ثمنها واختلاف اشكالها والتي تناسب كل الفئات المختلفة. مشيرا إلي انها في الاساس صناعة امريكية وكانت تأتي عن طريق مستوردين وتوزع لمحلات الأسلحة فقط وكانت غالية الثمن ولها تأثير من مسافة طويلة عكس ما يباع الآن علي الأرصفة بأسعار منخفضة مشيرا إلي أن الصواعق الأمريكية تبدأ اسعارها من ألف جنيه ولكن الصينية تباع بـ 150 جنيها تقريبا مؤكدا علي أن الاقبال علي الصواعق الكهربائية والرشاش الدفاعي زاد من قبل الفتيات والشباب أبناء المناطق الراقية ولكن رخص ثمن الصواعق التي تباع علي الرصيف أدي إلي انتشارها بين الفئات المختلفة.
يؤكد يوسف رشدي "محاسب" علي ان الحال اصبح بالمقلوب. في الماضي كانت الأسلحة البيضاء يحملها اشخاص من اصحاب السوابق والمسجلين خطر لمباشرة نشاطهم الاجرامي من سرقة وتهديد تحت السلاح وغيرها من الجرائم ولكن الآن اصبحت هذه الأسلحة يحملونها للدفاع عن نفسهم من هؤلاء البلطجية الخارجة عن القانون وذلك بسبب الفجوة الأمنية التي خلقها عدم الاستقرار الأمني بشوارع الإسكندرية التي اسفرت عن ظهور العديد من البلطجية الذين مارسو كل اشكال البلطجة والعنف بكافة أنحاء المدينة دون التفرقة بين منطقة شعبية أو منطقة راقية بالاضافة إلي ان ممارستهم غير القانونية الآن لم تلتزم بوقت معين بل انها تمارس نهارا وليلا مما ساهم في بث الخوف والرعب في قلوب الكثيرين من المواطنين لافتا إلي ان هذا جعل الكثيرين منهم يلجأن إلي حمل هذه الأسلحة ومنها الصواعق الكهربائية والاسبراي الدفاعي "سلف دفينس" وكان معظم حامليها من أبناء الطبقات الراقية. وانما لجأ ابناء المناطق الشعبية إلي حمل الأسلحة البيضاء المعتادة "المطوة والسكاكين الصغيرة" وكلاهما يحملون الأسلحة للدفاع عن انفسهم مشيرا إلي انه حتي الفتيات والسيدات تحملن الأسلحة الدفاعية في الحقائب الشخصية. مشيرا إلي أنه ساعد علي انتشار تلك الأسلحة صغر حجمها وسهولة استخدامها والفراغ الأمني.
يقول صبحي الزعيم "بائع متجول": انا بائع علي باب الله اتجول في كل شوارع الإسكندرية وابيع البضائع للإسترزاق منها ولكل بضاعة موسم ففي موسم المدارس أبيع الكراسات والاقلام بالاضافة إلي بيع ادوات البحر من جرادل وعوامات بداية موسم الصيف واحيانا افرش في ميادين الإسكندرية وابيع السلع الخفيفة مثل شرابات وملابس داخلية ومن خلال وظيفتي اتجول بكافة شوارع واحياء المدينة لاحظت الاقبال علي شراء الصواعق الكهربائية بشكل ملحوظ مما جعلني ابحث عن تجار هذه الاسلحة والتي اغلب مكانهم بالمنشية وبالفعل ذهبت اليهم لكي اتعامل معهم مشيرا إلي انه قام بالتفرغ لبيع هذه الأسلحة والتي انتشرت بشكل كبير من حيث شكلها المتنوع ومنها العصا وآخر مثل الموبايل "اللاسلكي" واكد أن سبب انتشار هذه الأسلحة رخص سعرها وتنوع اشكالها بالاضافة إلي الطلب عليها زاد خاصة في غياب دور الشرطة وانتشار جرائم السرقة والخطف. وعن نوعية الزبائن اكد الزعيم أن زبائنه من الجنسين حيث اصبحت هذه الاسلحة يحملونها مثل الموبايل.
نفي أبوطالب الحمصاني "مستشار قانوني" بأن الصواعق الكهربائية يوجد بها تراخيص أو تصاريح تبيح استخدامها أو قانون يسمح بتداولها أو استخدامها مشيرا إلي أن هذه الأسلحة كانت تمنح لجهات أمنية لاستخدامها في اعمالها وبرغم ذلك فإنها كانت تستخدم بدون سند قانوني وكان منها أنواع فمنها يشبه الهاتف المحمول ومنها يشبه العصا وكانت بطول ما يقارب من 50 سنتيمتراً وكانت مخالفة صريحة لكافة مواثيق حقوق الانسان علي المستوي العالمي وكانت تعتبر كجزء من أدوات التعذيب التي كان يستخدمها رجال الشرطة خلال النظام السابق واصبحت عادة لدي أبناء الأثرياء للدفاع عن انفسهم بواسطتها وقد تضافرت كل هذه المصالح في اظهار هذه الأداة بصورة شرعية وذلك مما أدي لانتشارها مشيرا إلي أنها تعامل قانونا معاملة السلاح الأبيض بكافة أنواعه وكان نص القانون واضح في ذلك عندما جاء في المادة 241 من قانون العقوبات والتي تقضي بعقوبة كل من اعتدي علي جسم إنسان حي أو ميت بأي وسيلة من وسائل الضرب أو التعذيب أو التشويه بالعقوبة الجنائية التي تصل إلي 6 أشهر حبس مع تغليظ العقوبات في الجرائم المشددة كالسرقة بالإكراه أو الاجبار علي توقيع إيصالات أمانة أو تشويهه معالم جثة.